أفضل الذكر لا إله إلا الله


أفضل الذكر لا إله إلا الله . وأفضل الدعاء الحمد لله ، الذكر بالاسم المفرد أو المضمر أبعد عن السنة وأدخل في البدعة وأقرب إلى إضلال الشيطان . فإن من قال يا هو يا هو أو هو هو ونحو ذلك لم يكن الضمير عائداً إلا إلى ما يصوره قلبه . والقلب قد يهتدى وقد يضل انظر ص 54

ويبين ذلك أن أفضل الذكر لا إله إلا الله رواه  الترمذي  ،  وابن أبي الدنيا  ، وغيرهما مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " أفضل الذكر لا إله إلا الله ، وأفضل الدعاء الحمد الله " .

وفي  الموطأ  وغيره عن طلحة بن عبيد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " أفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير " .

ومن زعم أن هذا ذكر العامة وأن ذكر الخاصة هو الاسم المفرد وذكر خاصة الخاصة هو الاسم المضمر فهم ضالون غالطون ، واحتجاج بعضهم على ذلك بقوله [ 91 الأنعام ] : " قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون " من أبين غلط هؤلاء ، فإن اسم الله مذكور في الأمر بجواب الاستفهام وهو قوله [ 91 الأنعام ] : " قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى " فالاسم مبتدأ وخبره قد دل عليهم الاستفهام كما في نظائر ذلك ، يقال : من جاء ؟ فتقول زيد : . وأما الاسم المفرد مظهراً أو مضمراً فليس بكلام تام ولا جملة مفيدة ولا يتعلق به إيمان ولا كفر ولا أمر ولا نهي ، ولم يذكر ذلك أحد من سلف الأمة ولا شرع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا يعطى القلب بنفسه معرفة مفيدة ولا حالا نافعا ، وإنما يعطيه تصويرا مطلقا ولا يحكم عليه بنفي ولا إثبات ، فإن لم يقترن به من معرفة القلب وحاله ما يفيد بنفسه وإلا لم يكن فيه فائدة ، والشريعة إنما تشرع من الأذكار ما يفيده بنفسه لا ما تكون الفائدة حاصلة بغيره ، وقد وقع بعض من واظب على هذا الذكر في فنون من الإلحاد وأنواع من الإلحاد كما قد بسط في غير هذا الموضوع ، وما يذكر عن بعض الشيوخ من انه قال : أخاف أن أموت بين النفي والإثبات ، حال لا يقتدى فيها بصاحبها ، فإن في ذلك من الغلط ما لا خفاء فيه ، إذ لو مات العبد في هذا الحال لم يمت إلا على قصده ونواه ، إذ الأعمال بالنيات ، " وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر يتلقين الميت  لا إله إلا الله " وقال : " من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة " ولو كان ما ذكره محذورا لم يلقن الميت كلمة يخاف أن يموت في أثنائها موتا غير محمود ، بل كان يلقن ما اختار من ذكر بالاسم المفرد أو المضمر أبعد عن السنة وأدخل في البدع وأقرب إلى إضلال الشيطان ، فإن من قال يا هو يا هو أو هو هو ونحو ذلك لم يكن الضمير عائداً إلا إلى ما يصوره قلبه ، والقلب قد يهتدى وقد يضل . وقد صنف صاحب الفصوص كتاب سماه كتاب الهو وزعم بعضهم أن قوله [ 7 آل عمران ] : " وما يعلم تأويله إلا الله " معناه وما يعلم تأويل هذا الاسم الذي هو الهو ، وقيل هذا وإن كان مما اتفق المسلمون بل العقلاء على انه من أبين الباطل فقد يظن ذلك من يظنه من هؤلاء ، حتى قلت مرة لبعض من قال بشيء من ذلك : لو كان هذا كما قلته لكتبت وما يعلم تأويله ( هو ) منفصلة ، ثم كثيراً ما يذكر بعض الشيوخ أنه يحتج على قول القائل الله بقوله سبحانه [ 91 الأنعام ] : " قل الله ثم ذرهم " ويظن أن الله أمر نبيه بأن يقول الاسم المفرد ، وهذا غلط باتفاق أهل العلم ، فإن قوله قل الله معناه الله الذي أنزل الكتاب الذي جاء به موسى ، وهذا جواب لقوله [ 91 الأنعام ] : " قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا وعلمتم ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم قل الله " أي الله أنزل الكتاب الذي جاء به موسى رد بذلك قول من قال ما أنزل الله على بشر من شيء فقال : من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى ، ثم قال : قل الله أنزله ثم ذر هؤلاء المكذبين في خوضهم يلعبون .

ومما يبين ما تقدم ما ذكره سيبويه وغيره من أئمة النحو أن العرب يحكمون بالقول ما كان كلاما ، لا يحكمون به ما كان قولا ، فالقول لا يحكى به إلا كلام تام أو جملة اسمية أو فعلية ، ولهذا يكسرون ( إن ) إذا جاءت بعد القول ، فالقول لا يحكى به اسم ، والله تعالى لم يأمر أحداً بذكر اسم مفرد ولا شرع للمسلمين اسما مفرداً مجرداً ، والاسم المفرد المجرد لا يفيد الإيمان باتفاق أهل الإسلام ، ولا يؤمر به في شيء من العبادات ولا في شيء من المخاطبات .

ونظير من اقتصر على الاسم المفرد ما يذكر أن بعض الأعراب مر بمؤذن يقول أشهد أن محمداً رسول الله بالنصب فقال : ماذا يقول هذا ؟ هذا هو الاسم ، فأين الخبر عنه الذي به يتم الكلام ؟

وما في القرآن من قوله [ 8 المزمل ] : " واذكر اسم ربك وتبتل إليه تبتيلا " وقوله " سبح اسم ربك الأعلى " وقوله [ 14 الأعلى ] : " قد أفلح من تزكى * وذكر اسم ربه فصلى " وقوله [ 74 الواقعة ] : " فسبح باسم ربك العظيم " ونحو ذلك لا يقتضى ذكره مفردا ، بل في السنن انه لما نزل قوله " فسبح باسم ربك العظيم " قال ( اجعلوها في ركوعكم ) ولما نزل قوله " سبح اسم ربك الأعلى " قال ( اجعلوها في سجودكم ) فشرع لهم أن يقولوا في الركوع ( سبحان ربي العظيم وفي السجود سبحان ربي الأعلى ) .

وفي الصحيح انه كان يقول في ركوعه : ( سبحان ربي العظيم )  وفي سجوده ( سبحان ربي الأعلى ) وهذا معنى قوله ( اجعلوها في ركوعكم وسجودكم ) باتفاق المسلمين ، فتسبيح اسم ربه الأعلى ذكر اسم ربه ونحو ذلك هو بالكلام التام المفيد .

كما في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم : انه قال : " أفضل الكلام بعد القرآن أربع ، وهنا من القرآن : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر " .

وفي الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : " كلمتان خفيفتان على اللسان ، ثقيلتان في الميزان ،حبيبتان إلى الرحمن ، : سبحان الله وبحمده ، سبحان الله العظيم " .

وفي  الصحيحين  عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من قال في يومه مائة مرة لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، كتب الله له حرزاً من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي ، ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا رجل قال مثل ما قال أو زاد عليه " ، " ومن قال في يومه مائة مرة سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم حطت عنه خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر " .

وفي  الموطأ  وغيره عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : " أفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير " .

وفي  سنن ابن ماجه  وغيره عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : " أفضل الذكر لا إله إلا الله ، وأفضل الدعاء الحمد لله " ومثل هذه الأحاديث كثيرة في أنواع ما يقال من الذكر والدعاء ، وكذلك القرآن كقوله تعالى [ 121 الأنعام ] : " ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه " وقوله [ 4 المائدة ] : " فكلوا مما أمسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه " إنما هو قوله بسم الله ، وهذه جملة تامة إما اسمية على أظهر قولى النحاة أو فعلية ، والتقدير : ذبحى بسم الله أو أذبح بسم الله ، وكذلك قول القارئ بسم الله الرحمن الرحيم فتقديره قراءتى بسم الله أو اقرأ ، ومن الناس من يضمر في مثل هذا ابتدائى بسم الله ابتدأت بسم الله والأول أحسن لأن الفعل كله مفعول باسم الله ليس مجرد ابتدئه ، كما أظهر المضمر في قوله : " اقرأ باسم ربك الذي خلق " وفي قوله [ 41 هود ]  " بسم الله مجريها ومرساها " وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم : " من كان ذبح قبل الصلاة فليذبح مكانها أخرى ومن لم يكن ذبح فليذبح باسم الله " ومن هذا الباب " قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح لربيبة عمر بن أبى سلمة : سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك " فالمراد أن يقول باسم الله ليس المراد ذكر الاسم مجردا ، وكذلك قوله في " الحديث الصحيح لعدى بن حاتم : إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله فكل " وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم : " إذا دخل الرجل منزله فذكر اسم الله عند دخوله وعند خروجه وعند طعامه قال الشيطان لا مبيت لكم ولا عشاء " وأمثال هذا . 

كذلك ما شرع للمسلمين في صلاتهم وأذانهم وحجهم وأعيادهم من ذكر لله تعالى إنما هو بالجملة التامة ، كقول المؤذن ( الله أكبر ، الله أكبر ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ) وقول المصلي : ( الله أكبر ، سبحان ربي العظيم ، سبحان ربي الأعلى ، سمع الله لمن حمده ، ربنا ولك الحمد ، التحيات لله ) وقول الملبي ( لبيك اللهم لبيك ) وأمثال ذلك ، فجميع ما شرع الله من الذكر إنما هو كلام تام لا اسم مفرد ولا مظهر ولا مضمر وهذا هو الذي يسمى في اللغة ( كلمة ) كقوله : " كلمتان خفيفتان على اللسان ، ثقيلتان في الميزان ، حبيبتان إلى الرحمن "  .      

  






تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قصة نيوتن...الطريق للنجاح

مقولات في النجاح

مبادئ قراءة الخارطة